الأربعاء، 2 أكتوبر 2013

مصر مصرتني - إعادة نشر - مختارات شهر مارس ..

اعجز عن تفسير التاقض الذي اشعر به في داخلي..تارة تجدني امسك مصحفاً وتارة تجدني امسك كأساً  ..نبهني الكثير من اصدقائي الي انه يجب عليّ ان احاول الاستقرار علي جهة  ..والثبات علي ضفة او طريق واحد ..ونعتني بعضهم بالتلوّن والتناقض والتذبذت والتردد ..وانا اثق فيهم فأنا أعلم مدي حُبهم لي..بعيداً عن اولئك المزايدين سواء من المتدينين المنافقين او من الفجرة التافهين اصحاب العقول التي تحركها الشهوة ..كلٌ منهم في محاولة ان ينال مني ويلتف حولي ليجدني علي الوجه الذي يعجبه ..وان وجدني علي وجه لا يعجبه- يظل ينتقدني..وكأني مصدر تسلية شخصية له - لماذا لا يرضي بي كما انا وحسب.. مع ذلك لم اعد اهتم لهم ..ولكني دائما كنت احاول ان افهم نفسي .. ولمَ هذا التناقض الذي بداخلي ؟..كنت اجلس اليوم في مقهي اشرب القهوة واقرأ احدي الروايات وكنت اراقب حركة المارة ..فوجدت فتاة كاملة الانوثة والاثارة ..فكنت ادقق في النظر اليها وهي تمشي بدلع ومرقعة وكأنها تتمايل مع الرياح محاولةً بنجاح مغازلة الناظرين ولفت الانتباه - بهذه الكات ووك ..فظللت انظر اليها من اسفل قدميها حتي اعلي رأسها ..عندما نظرت اليها من اسفل كانت مأنتمة مع عمرو دياب وكلما ارتفعت لقيتها مأنتمة مع عمرو خالد ..تناقض عجيب بين الانوثة ومحاولة اثارة الناظرين كالقطة الدلوعة وبين ما تلبسه علي رأسها من باب التدين وكدهوّن ..وهذا احدي اساليب التناقض الشديد...دعكم منها ، هذا ليس كل ما رأيت من تناقض ، فبعد ان مرّت تلك الفتاة المثيرة - فما لبثت في محاولة لان ابعد نظري عنها حتي فوجئت بفتاة اخري لم ولن ولع ولجلج اجد في رجولتها احداً قط ..اسف علي النظرة العنصرية تلك ..ولكن ما احاول لفت الانتباه له انها كانت لا تهتم بأنوثتها اطلاقاً ولا تراعيها بل كانت تفتقر الي النظافة الشخصية حتي ! - ونظافة الملبس ايضاً ..ما هذا التناقض الغريب في هذه البلد المحروس "مِصر" ! ..

بعدها قررت ان اذهب الي المنزل وسط ضجيج وعشوائية وازعاج كما اعتدت فظللت اسب والعن اليوم اللي جابني في البلد دي - بالاضافة طبعاً إلي اللون الذي لا اري سواه في شوارع القاهرة نهاراً - وهو اللون الاصفر الباهت - لا اعلم ما سببه - هل التراب ام العوادم وعدم النظافة البيئية والتلوث البصري ؟ - لا اعلم - كل ما اعلمه اني مُنذ ولدت وانا أري هذا اللون نهاراً - فهذا اللون مزعج بشدة بالنسبة إليّ..
وبعد عدة امتار وقد اقتربت من منزلي وجدت نسيم جميل - واحسست بالهدوء والسكينة - وقابلت الكثير من المعارف والاصحاب كبار السن وصغار السن ممن يذهبون الي الجامعة او الشغل وكانو كعادة المصريين يقابلونك بحميمية شديدة "ايه ياحُس - ! ازاك أحُسني ! ايه يا شقيق رايح فين؟" ..من الصعب ان يعاملك الناس هنا في مِصر بأسلوب "جاد" - ولكن هذه هي ميزة تلك البلد "العِشريّة" ...

شعرت حينها بشعور غريب ...شعرت بدفيء وبرود ..ضجر وإستياء من البلد وسعادة في نفس الوقت وشوق وحُب لها ! ..ما هذا العبث ! ما هذا التناقض وكأن نفسي المتناقضة تحاول ان تجد لي مُبرر لتناقضي وتخبرني اني فقط اتأقلم مع طبيعة البلد المصرية ..واني مصري اصيل ..

- التناقض الذي بداخلي يعبّر عن عدم انتمائي لأي شيء غير هذه البلد..بحثي عن الحرية يحُثُ عليَّ بالتمرد علي كل الاشياء التي تحاول سرقة مصريتي مني ..انا مصري ..انا فقط انتمي لنفسي ..انتمي للبشرية والحياة ....ولمصر...شأني كشأن الكثر من شباب مصر ..يفكرون بحرية تامة - محاولين البحث عن الحرية في تلك البلد وفك القيود المجتمعية والدينية الغير صحيحة والغير مُقنعة بالنسبة لهم - ولذلك كثيراً ما يقعون في التناقض - الذي هو من سمات البلد - ومن سمات الشخصية المصرية" ..

الاحرار يولدون في هذه البلد ، يورثون الحرية فيها ويورّثونها لاجيالٍ لاحقة - حتي وإن لم يحصلو عليها - قرأت مقولة في معناها انه "ليس شرطاً ان تكون حراً حتي تحلم بالحرية - فأغلب كتابات المساجين عن الحرية"  ..

نحن ابناء هذه البلد ، نعيش من اجل مصريتنا - نحاول البحث عن الحرية التي طالما مارسنا الحُب معها في مخيلاتنا وافئدتنا ..

الثورة !

هذه مجرد بداية فحسب !

الثورة تتغذي وتستمد طاقتها من "مصريتنا" ...نحن شعب جيناته تعرف معني الثورة والحرية جيداً - ولذلك نبحث عن حريتنا منذ ولادتنا - نمارس الحرية المصحوبة بالتمرد والتناقض- في حُب مصر ...


ليست هناك تعليقات: