التمرد علي الدين :
طيب حابب انسخ كام رأي وفكرة كتبتهم زمان - واصحح المسار عشان المُتابعين للمدونة اللي ممكن اكون أثرت عليهم بالافكار والآراء اللي كنت بكتبها - غالباً انا مؤمن حالياً ان المُشكلة مش في الدين - المُشكلة في فهم الدين - المُشكلة في تقديس النصوص وتقديس آراء دينية - وايضاً تقديس شديد "لرجال الدين " - واعذروني لان الموضوع مش صلب فكرياً وغير مدعوم بالادلة - رغم انه يتحدث في موضوع شائك - وانا تارك كل الاشياء دي للقاريء عشان هو اللي يبحث بنفسه ويستدل ...
حابب اتكلم عن تجربة شخصية كانت خلتني اتجه للفكر الاديني في الفترة الاخيرة - لاني لقيت ان أغلب إهتماماتي دخلتني في دايرة مُغلقة من الحرام والإلحاد والكفر والغلط والعيب - وبالذات الفن او الفلسفة وهما اكتر حاجتين بتستهويهم نفسي ، واكتر حاجتين بيتقال عليهم حرام وسط البيت المُحافظ اللي اتربيت فيه والمنطقة الشعبية اللي محاط بأفكار سكانها - واللي كان مُتحرر فيهم كان بيقول شُبهات فتجنبها افضل ..
وبالنسبة للفلسفة - معظم الآراء الدينية كانت بتكفّر وبتنزدق الفلاسفة ، وبتحرّم القراية في الفلسفة - ومعظم اصدقائي المُتدينين كانو بينتقدوني لما عرفو اني ممكن اكون مهتم شوية بالفلسفة لانها كُفر وإلحاد في نظرهم - ولما كنت أقرأ فيها اكتر كنت احبها اكتر- لانها بتفتح عيني علي حاجات - وبتفهمني ميكانيكا الكون والوجود - صحيح كانت ساعات او في الاغلب بتخرب في دماغي لو معنديش عقيدة ومباديء دينية وإيمانية قوية - وكانت بتحوّلني إلي صايع فكري او ضايع فكري - ولكن المُشكلة كانت اني ساعتها حسيت ان الدين مُكبّل ومُقيّد ، ولان عقلي حُر ، فمكنتش احب اتقيّد بحاجة عشان حاجة ، حتي لو صح - او اتقيّد بحاجة مش مُقنعة...والحقيقة والغلطة اني كنت بحسبها بشكل خاطيء ..بدل ما أعرف عن ديني ، بورثه ..بدل ما افهم عنه - بسمع عنه - بدل ما أحاول اكتشف الصح والغلط بنفسي ، بحاول آخد خبرات جاهزة لغيري واطبقها عليا - ظناً مني ان الخبرات دي ممكن تنطبق علي نفسي - وفي الاخر كنت اتجهت اني ارفض الدين ككل ، وكنت معتقد اني ممكن اعبد الله بدون دين ..
ولكن خلال الفترة دي اتردد علي سمعي آيات زي :
- رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّم ُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ...
- يُؤْتِي الْحِكْمَة َ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَة َ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ..
هي الفلسفة ايه غير "علم الحكمة !" ...اللفظ اليوناني فيلوسوفيا ، بمعنى محبة الحكمة أو طلب المعرفة ...التفكير في التفكير ..التفكير في طبيعة التفكير - والتأمل والتدبر ...ومحاولة الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون...
الحكمة ! ، التفكير ، المعرفة ، التأمل ! ...
قريت الآية دي :
الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار" ..
وكنت بتسائل منين مينفعش افكر عشان خايفين عليا اشت بتفكيري ومنين فيه آيات في القرآن كتير اوي بتنتهي ب :
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " ...
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون "
مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ
أَفَلَا يُبْصِرُونَ ...
كل دا ولسة بيقولو الفلسفة حرام ! ، طبعاً كان المُتدينين بيقولو اني مينفعش افسّر القرآن علي كيفي كدا ، وهما صح ، ولكن المُتدينين بيقدّسو آراء علماء - والحقيقة ان المصدر وهو القرآن موجود بين إيدهم ولكن هما مش بيقروه بتدبر - زي ما المصدر نفسه قالهم ..بيكسلو وبستسهلو...قطيع من الخرفان بلا عقل - بيشوفو ان الامان في انهم يمشوا ورا "شخص" ويتبعو منهجه الفكري بدون تدبّر ..بدون ما يعرفو اذا كان منهجه ملائم لهم ولا لأ ..
مثلاً يقدّسو رأي بن تيمية ولا بن الجوزي ولا بن القيّم ..بيقدّسو نصوص لاحاديث تتعارض تعارض صريح مع مصدر السنة اللي هوة القرآن ...
قياساً علي حالتي في حُبي للفلسفة ، ليا صديق "انتيم" في نفس الفترة اللي كنت ابتديت اتجه للفلسفة هو كان استهواه فكرة علم النفس وال Nlp ولكنه وجد بعض الآراء الدينية لما يسمو بعلماء دين بيحرمو العلم دا ..المُصيبة انهم بيقولو عليهم علماء وكمان بيقولو عليهم غير متشددين ...الشيوخ دول كانو قالو ان ال NLP وعلم النفس بتخرب في العقل وبتفكك عقيدة المُسلم ...الحقيقة سواء الفلسفة او ال NLP او علم النفس او اي علم من علوم الانسان اللي بيحرموها او الفنون...هية فعلاً بتفكك العقيدة وبتهدمها - بس عقيدتهم هما ! - مش العقيدة الإسلامية ...عقيدة احفظ ، عقيدة خلّي دينك موروث - عقيدة اعتنق التقليدي والمؤّكد - عقيدة هذا ما وجدنا عليه آباءنا وامهاتنا ...
موضوع العلماء الغير متشددين اللي طالع جديد دا هو فنكوش الحقيقة - لان معظم الشيوخ المتشددين والغير متشددين مُتّبعين نفس النهج والمصدر ولكن مع إختلاف الطريقة في تمرير الافكار الرجعية ...
________
كان اول صدام ليا مع الشيوخ والمجتمع الديني او المُحافظ ، انه بيعتبر الفن "قلة ادب - قلة حياء" - والحقيقة العيب مش عليهم - العيب علي الوسط الفنّي بتاعنا - مليان اشباه فنانين - عابدي شهرة ومال ...
ولكن مكنش هاممني كل دا - كان هاممني ان في آية في القرآن بتقول ان الله جميل يحب الجمال ...وهاممني ايضاً ان الطبيعة لاحظت انها مصنوعة بجمال وإتقان - مش مصنوعة وبس - ومش مصنوعة بتأدية الغرض - دا شيء كان مُحيّر جداً ..
مثلاً المرأة مخلوقة بجمال غريب ! - كنت بقعد افكر بالساعات في جسمها - في جماله في إتقانه ..
ولا اللذة الجنسية - ولا التذوّق - ولا الشم - كلها حاجات جميلة جداً - لما كنت بشوف صُنع البشر وصنع الخالق - بعرف ان الخالق جميل وبيحب الجمال - الخالق مش بس بيخلق عشان الغرض او الاستفادة - لأ دا ايضاً بيخليك تستطعم - تحس - تشعر بالنشوة ، مش الاولي انه كان يخليك تاكل وخلاص لما تحس بالجوع ؟ - طيب ليه خلّاك تستطعم - مش الاولي انه يخليك تتكاثر حتي تحافظ علي بقائك ؟ - طيب ليه بيحسسك بالنشوة الجنسية واللذة الجنسية ؟ - صُنعه ملوش مثيل ...
دايماً كنت برجع لآية ان الله جميل يحب الجمال - لما كنت بفسرها علي إنها "دعوة للفن" - لان الفن ايه غير جمال - وان الله مُحب للتصوير والمزيكا والرسم والنحت ...
كانو بيقولو انتا بتفسر القرآن علي كيفك ، انتا متعرفش آراء السلف والاحاديث اللي بتقول ان النحت والتصوير والمزيكا والتصوير كلها حرام ، ومضاهاه لله في الخلق - انتا مقرتش حديث المعازف "الحديث دا ضعيف عماتاً" زي كل احاديثهم اللي في الفن - زي كل شيوخ السلف اللي ماشيين وراهم - كلهم ضعفاء فكرياً - طبعاً مكنش ينفع اقولهم ان في حاجات زي الجمال والحُب والتفكير مش محتاجة لنصوص دينية - محتاجة للرجوع إلي وجهة نظر وجودية إسلامية - ولكن كان النقاش بينتهي بكلام زي "جبت التفسير دا منين ؟" - هات اسم العالم - اقولو طيب والعالم دا اشمعني هو اللي بيفسّر - قالولي لأ دا دارس - دارس ايه ؟ - فقه وشريعة واحاديث وإلخ - محبتش حد يعجّزني - قولت ادرس فقه وشريعة - لاني مش كسلان زيهم هسمع رأي العالم وآخد بيه وشكراً علي كدا - وبالفعل ابتديت احضر دروس الفقه - ولكنها كانت مملة بالنسبالي - بتدور حوالين اربع ائمة - والشيخ يقعد يقولك "رأي كل عالم فيهم" وانتا المفروض تاخد بيه وتدرسه - ولكني الصراحة كنت بردو عندي شغف اكتر اني اعرف عن المصدر - مش عن الائمة "ملحوظة : وبردو للامانة عرفت اني كنت مع الشيخ الغلط لان حالياً في علماء دين بجد للي عنده شغف يتعلم عن دينه" ...وهنا اول صدام بيني وبين الدين - لاني مكنتش اعرف ان الدين ملوش علاقة بالاشخاص - لان المجتمع اوحي ليا ان الائمة والعلماء هما الدين - اني مينفعش اخرج عن الائمة - لان هما حبل الوصال الديني - او بينهم وبين النبي رابطة قوية وبالتالي بينهم وبين الله رابطة قوية - وبالتالي رأيهم هو رأي الله ...
مش بس كدا ، كان فيه تقديس لتلامذة الائمة والعلماء - وتلامذة التلامذة - وهكذا - لحد ما اصبحت فيه عقيدة تسمي بالسلف الصالح - مثلاً كنت أسأل عن رأي ديني فأجد الاجابة فيها نوع من الشتدد اروح اسمع داعية إسلامي زي معز ولا عمرو خالد - كانو ينهوني عن دا جداً - ليه لانه غير مؤهل للإفتاء - طيب دا دارس شريعة وفقه - يقولو ولكنه لم يتتلمذ علي ايدي شيوخ وعلماء السلف ..
طيب يعني ايه الفرق ما بين داعية إسلامي وسطي وشيخ سلفي ؟ - ايه الفرق بين مُعز وحسين يعقوب مثلاً ..كانو يقولو انتا مينفعش تقارن - كأنك بتقارن كفتجي بمُهندس ...الشيخ يعقوب تتلمذ علي أيد مشايخ - مثل ابن العثيمين والالباني ...
المُصيبة ان الالباني دا سمعتلو موقف بغض النظر عن السيرة الذاتية - انه كان لما بيتطلب منه تحقيق شخصية - مكنش بيرضي يعمل بطاقة لانه هيتصوّر - فكان لما يعدي في مطار يتصل بأربعة شهود من أهله يشهدو عليه انه هو الالباني ..
وعايزني انا بحب التصوير والسينما اني اسمع لشيخ تتلمذ علي إيد راجل زي دا ! مع احترامي للراجل وتلميذه ...بس الموضوع كان مرفوض بالنسبالي - فكان الاولي ساعتها اني ارفض الدين ...انا فنان هي دي شغلتي وهو دا شغفي قبل ميكون شُغلتي.. انتا بتشوف مكان قديم وبتقول عليه مفهوش حاجة تتعمل فيه والناس مش عجباك وبيئة ...انا بشوف نوستالجيا وبحب استطعم الاماكن ..انتا بتشوف عُري...انا بشوف جمال التفاصيل...انتا بتقول حرام..انا بقول فن وجمال وبوصل لله عن طريق الجمال لانه جميل يحب الجمال.. وبشوف روح الله في كل شيء جميل..انتا بتبصله علي انه تضيع وقت وتسلية ..انا ببصله علي انه ارتقاء بالروح والعقل...ونشوة روحية واحساس ميتوصفش ..كنت عايز احب الحياة محبش الدنيا..احب الناس والطبيعة والجمال لانهم من روح الله ومن جمال الله..احب الحياة عشان احب الاخرة مش عشان احب الدنيا - وعشان مموتش واعيش عشان وهم الدُنيا ...
ولذلك كان فيه نبرة جوايا ابتدت تقول - ليه إلهي عايز يعذبني ؟ - ليه يحرقني في النار عشان بحب السينما والتصوير والموسيقي - ليه يعذبني عشان بقرأ في الفلسفة ؟ - ليه يعذبني عشان مش مربي دقني زي صُحابي المُتدينين ؟ ...
ولكن بعد كدا وصلت للإجابة - كنت مؤمن ان النار اتخلقت عشان العدل والحق - عشان واحد زي هتلر مسئول عن قتل وتعذيب وحرق 100 مليون إنسان وحتي في النهاية هرب مُنتحر - هرب من مسئولية افعاله بالانتحار - لذلك مكنش لازم عقابه علي افعاله يعدّي بالسهولة دي - كان لازم تكونله نار او عالم آخر يلقي فيه حسابه ..
النار اتخلقت عشان جانكيز خان - عشان هتلر -عشان شارون - عشان الجبابرة اللي حرمونا من السلام - عشان كل القتلة - عشان كل الفسدة والظلمة - وكمان عشان اشباه الفنانين اللي كل همهم جمع الفلوس وإفساد الزوق العام وأخلاق الشباب والمُجتمع - عشان مُغنية بتخون صوتها اللي الله وهبها إياه من اجل شركة إنتاج - وعشان ممثلة بتخون الجمال والجسد اللي اعطاها الله لها من اجل الشهرة والمال - وعشان مُخرج ولا مُنتج وضعو مشاهد جنس وعُري غير مُبرَر - خادش لحياء الصغار والكبار - افسدو معاني روحية مثل الجنس والحُب وجعلوها شوانية بهيمية حيوانية - من اجل مبيعات اكثر لافلامهم ...
ولم تُخلق النار عشان انا بحب أقرأ في الفلسفة - ولا عشان بعشق الفنون والسينما والتصوير - ولا عشان انتا عايز تتعلم NLP - ولا عشان انتي بتحبي المزيكا والرقص ...
ولا عشان قريت ان غاية النبي لم تكن تربية اللحى والحجاب والمساجد لتشير الى الله, وانما تربيةُ قلوبٍ تشير الى الانسان.. فليس الله هو مشكلة الوجود.. الانسان هو مشكلته...النبي لا يكون لديه الفرد مسلما بجعله في قلب المسجد، وانما بجعله في قلب الانسانية.
وان التدين في وعي الرسول هو كيف تغدوا انسانيا في الشارع، وليس كهنوتيا في المعبد.. الله لا يريد معبدا يُعبد به، وانما يريد انسانا يُحرر به..
ولا عشان قولت عبارة مثل (همُّ الله عباده وليس عبادته).. النبي أُرسلَ لنصرة بلال وليس لنصرة الله.. في الحديث القدسي؛ (يابن آدم لم أخْلُقُك لأربح عليك، وإنما خلقتك لتربح علي)... أن الله متدين بالانسان، أكثر من تدين الانسان بالله.. سيما ان هذا التدين للانسان بالله هو تدين اعتباري، صورته الحقيقية هو التدين بالانسانية كقيم، وليس بالالوهية كمعبد..
النار مش عشان آراء دينية مختلفة مع عقيدتك الموروثة - والجنة مش عشان صليت وصُمت وسمعت كلام شيوخ سلفك الصالح -
انتا لو تخليك في حالك ، تبطل تقارن بين حالك وحال غيرك ، تعترف بحرية الدين والمعتقد وحرية الرأي ، تعترف بثقافة الخصوصية ، تبطل تكفرني وانا ابطل اخرفنك ... ساعتها بس هنعيش في سلام ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق