في البداية اود ان الفت انتباه القاريء الي ان ما ستقرأه في هذا المقال
ما هو إلا وجهة نظر كاتبها ، فأنا لا اريد ان اكرر عليك ما قرأته في كتاب
او مقال سابق ، انما احاول ان أُلَخِص خبرتي الصغيرة في هذه الدنيا ، لاشك
ان مع مرور السنين قد تتغيّر لديَّ بعض المفاهيم وتخلتف وجهة نظري تلك ،
ولكن حتي الآن سأتحدث عن كل ما ادركته خلال تجربتي الشخصية ...
ما احاول ان اتناوله في هذا المقال هو حقيقة الدُنيا والواقع الذي نعيش فيه بتفكير مُجرد ، ومن خلال تجربتي الشخصية ، وبتجرد كامل من ديني وانتمائاتي السياسية والعرقية ، في باديء الامر هي محاولة ليس اكثر ومعظم ما ستقرأه ما هو إلا فرضيات تحتمل الصواب والخطأ وهي دعوة للرجوع الي اصل الامور التي غابت في زماننا..
ما هي الدُنيا ؟ :
ماذا بعد يا صديقي ؟ لست مُقتنع بما قلته لي ، حتماً هنالك خيارٌ آخر ، لا اشعر بالسعادة إطلاقاً في هذا الإطار المحتوم الذي تحاول اقناعي به ، من قال لك انه ليس بمقدورنا عمل اي شيء آخر؟ وان ما يحدث حولنا من خراء ليس إلا ما يسميه الناس سُنّة الحياة ومن قال ان علينا الانقياد لتلك السُنة ؟ ومن قال انها سنة الحياة اصلاً !؟ ، ان الانسان لا يُمكن ان يُحكم بقوانين او نظريات او إحتمالات ؛
ما حدث أن حزب ابليس في الارض ان سمحت لي ان أٌطلق عليهم ذلك الاسم ، ذلك الحزب من الحكومات والسياسيين والرأسماليين وباحثي الشهرة والمال واصحاب الفكر العنصري الصهيوني ومعتنقي الديانات المتطرفة وبعض الجماعات السرية المتطرفة التي تمولهم وغيرهم من الذين يبغونها عوجاً وأُلئك الذين يريدون اكثر لهم واقل لغيرهم ..
هؤلاء قررو في العصر الحديث الذي نعيش فيه عمل خطة جريئة ، يحاولو من خلالها التحكّم في جميع سبل الحياة والمعلومات التي تصل الينا ، وبناءٌ عليها صنعو إطار مُعين بمساعدة وسائل الاعلام ، فيمرر هذا التيار افكاره الينا يومياً في التلفاز ، وذلك كله حتي لا يحدث التغيير الذي يخافونه ، حتي نسير في ذلك الإطار الذي صنعته وسائل إعلامهم التي مرروها إلينا تلفازهم فنظن نحن انه لا مفر ولا سبيل آخر افضل منه ، إطار يُبقي علينا مساجين في وهم الماديات والشهوات البهيمة الحيوانية ، ننشغل بجمع المال والبحث عن الماديات فلا نجد وقت فراغ نحاسب فيه انفسنا ونحاول تغيير واقعنا ..
ولكن ما يُخيفهم هو العقل الحُر ، ليس ذلك الانسان سجين عقله الذي يحاولون صناعته ، يعلمون جيداً انهم لن يستطيعو التحكم في ارادته ، إرادته الحُرة ، لن يستطيعو العبث بحياة الحُر وإرادته ، فلقد خلقها الله حُرة مستقلة ، نفخ الله في الانسان من روحه ، واعطاه الارادة الحرة "ارادة اله" ..لذلك قررو ان يمررو الينا مباديء الغوغائية والفوضي وإنشاء جيل جديد في حب الاباحة والمخدرات..
احد طرق التحكم في العالم والتحكم في الاقتصاد والاموال هي التحكم في عقول البشر ، ان يجعلو الناس موهومون بأشياءٌ فُرضت عليهم حتي يظلو نيام ، كل ما يمرر الينا من الابتذال الاعلامي والعهر الفني ما هو إلا لتقبل نوع معين من الافكار ونمط محدد في الحياة فلا يستقيظ الناس ...
لا تضحك يا صديقي ربما كنت احد المهوسين بنظريات المؤامرة ، او ربما كان عقلك الباطن غير مُهيء لسماع الحقيقة ، ربما كانت هي محض نكتة سمجة وما من حقيقة اصلاً ، لماذا نبحث عن الحقيقة ؟ ، لماذا لا نبحث عن الاحقيقة او الضلال ؟ ، لما لا تعتبرها حكاية مُسلية تصدّقها او تُكذّبها ؟ ، ربما كان علي الاستيقاظ من وهم المؤامرات تلك وان اذهب الي الاستجمام في احدي الشواطيء احتسي النبيذ الاحمر مع فتاة حسناء وانسي كل ذلك...
ولكن دعني اولاً اشير اليك ببعض القصص ..وبعض الافكار التي استخلصتها من رحلتي في الدُنيا ...
ذات مرة جلس رجل وحده وقد امتليء قلبه حزن وإكتئاب فإقتربت من كل الحيوانات وقالت له "ما يزعجك ؟ ما يحزنك؟ " انه لمن المزعج لنا رُأيتك حزينٌ هكذا ! سلنا ما شئت نعطك إياه ، فقال الرجل " اريد ان يكون لي نظر جيد " فأعطاه الصقر نظره ، فقال الرجل "اريد ان اكون قوي" فأعطاه الفهد قوته ، فقال الرجل " اريد ان اعرف اسرار الارض " فقالت له الافعي "سأريك إياها " ، هكذا استمر الحال مع كل الحيوانات ، وبعدها امتلك كل الهبات التي يمكنه ان يأخذها من الحيوانات ، ثم رحل ..
قالت البومة للحيوانات : "هكذا يمتلك الانسان الكثير ويمكنه فعل الكثير من الاشياء"
فردت عليها الغزالة : "نعم هو يمتلك كل ما يحتاجه هو لن يشعر بالحزن مرة اخري"
فقالت البومة : "لا" ، "لقد رأيت فجوة في داخل الانسان ، عميقة بعمق الجوع الذي لن يستطيع اشباعه ، وهذه الفجوة وراء حزنه ورغباته وشهواته ، سيستمر بالاخذ والاخذ الي ان يأتي وقت يقول فيه العالم : "لقد انتهيت ليس هناك المزيد لاعطيه إياك"
ما الدُنيا الي وهم مادي ! ، الدنيا هي لهو ولعب يُبعدنا عن حقيقة ما ، ما الحقيقة المؤكدة في هذه الدنيا اكثر من الموت !؟ ، الموت اكثر صدقاً من وهم الحب المغطي بالشهوات والتقلبات العاطفية ، اكثر صدقاً من الجنس والمال ! ، اكثر صدقاً من السيارات الباهظة الثمن ، اكثر صدقاً من القصور والفيلات الفارهة ! ؛
دعك من كل ما يحدث حولك وانماط الحياة المُزيفة التي يمررونها الينا وكإنها ثقافة او معايير مجتمع ، دعك من الفجوة التي بداخلك وإسأل نفسك في تأمل وتفكير : هل يمكنني الحصول علي الدُنيا ؟ ، احدي معاني جذر كلمة الدنيا : هي ان تحاول الوصول الي شيءٌ لا تستطيع الحصول عليه ابداً ، ألا تذكر اليوم الذي حلمت فيه بالحصول علي تلك السيارة ؟ ، هل تتذكر اليوم الذي طالما حلمت به وهو الحصول علي تلك الوظيفة الراقية ؟ ، هل تتذكر يوم جلست تدعو ربك وقعدت تعمل وتعمل حتي تستطيع الحصول علي ما تريد ؟ هل تتذكر ذلك المنزل الذي طالما تمنيته ؟ ، هل تتذكر المحمول الجديد هذا ؟ هل تتذكر وانت صغير بعدما جلست تتمني الحصول علي لعبة ال playstation او احدي الالعاب التي كنت تتمناها ؟ هل تظن ان ذلك الاحساس محض شعور ب "ملل" ، هل يقول لك مدربي التنمية البشرية ان المُتعة في الرحلة وليس في الحصول علي الشيء ؟ ، هل يقولون لك ان جمال الدُنيا في الاهداف ؟ ضع اكبر كم من الاهداف وكلما حصلت علي هدفك اكتب لنفسك هدف اخر حتي تستطيع السعي وراءه وامتلاكه هو ايضاً ؟ ، هل يملؤن دماغك بتلك الافكار التي دائماً ما تجعلك تحاول وتحاول وتحاول حتي تسئم المحاولة ، حتي سئمت البحث عن الماديات والسعي وراء امتلاك الرغبات ؟ في رحلة غير منتهية من الاماني؟
فقط حاول ان تتذكر ما حدث بعد اول مرة حَصُلت فيها علي شيءٌ ما دائما ما كنت تحلم يوماً بإمتلاكه ، الم تلقه جانباً في عدم اهتمام ؟ الم تقل لك والدتك وانت صغير "عزيزي هذا يحدث فقط بسبب ما يسمي "فرحة الحاجة الجديدة"! ، حاول ان تتذكر ما الذي شعرت به ..
هذه حقيقة الدُنيا انك لن تستطيع الحصول عليها ابداً وكلما حصلت علي شيءٌ فيها لا تشبع ابداً ، كالمال والسيارات والقصور والبيوت والشاليهات ! والفتيات الفاتنات التي طالما اشتهيتهُن يا عزيزي ! ، والشبان الذين طالما اشتهيتيهِن يا عزيزتي ! ؛
لاشك ان اكثر الاشخاص مللاً هو ذلك الشخص الذي دائما ما يحدثني عن تلك السيارة الباهظة الثمن وذلك الاب توب والموبايل الجديد وذاك القصر الكبير ، دائما ما اشعر بالملل الشديد وانا اتحدث معه فهو في كل احاديثه دائما ما يذكرني بوهمه ، عند السير معه دائما ما يشير بإصبعه "انظر يا صديقي الي هذه السيارة " هل تعلم كم ثمنها ؟! "انظر يا صديقي الي هذا البيت" هل تعلم كم دفع من يسكن هنا من الالوف؟ ، وكأن محور الدنيا هو الماديات ! ...
ولا شك ايضاً ان الشخص الذي اتحدث عنه الآن هو اكثر الاشخاص غضباً وسخريتاً ورفضاً لما يقرأه الآن فهو ليس إلا "عبد للتكنولوجيا" لا يعبد اله سوي التكنولوجيا ، يوماً بعد يوم سيظل يطارد التكنولوجيا التي اصبحت من سمات عصرنا الحديث ، فقط اقرأ في التاريخ او ارجع الي اصل الامور ستعلم ان تلك الوسائل الترفيهية ما هي إلا خدعة لإستعبادك ، خدعة للاخذ من ساعات عُمرك ، وسائل الاعلام لها الدور الاكبر في تحفيزنا علي مُطاردة تلك الماديات من احدث السيارات والموبايلات واجمل العقارات ، حتي ان تحدث شخص عن عدم رغبته في مطاردة تلك الاشياء ، نعتوه بالكسل وعدم الطموح .
اليس من المُفترض إمتلاك موبايل لمجرد التحدّث الي اهلك واصدقائك ؟ ما الفائدة من شراء موبايل باهظ الثمن ؟ ما الفائدة من تحديث موبايلك سنوياً ؟ ، وهل السيارة وسيلة مواصلات ؟ ام من المفترض ان تصبح السيارة وسيلة تستعبدك لتأخذ اكثر من ساعات عمرك سعياً وراء تحديثها او إمتلاك احدث موديلاتها الفارهة والباهظة الثمن ؟
في زمنٍ ما كانت هناكَ قريةٌ تعيشُ علي صيد الاسماك ، تمتلك البيوت المُطلّة علي البحر ، يجلس اهل القرية يصطادون قوت يومهم نهاراً ، ثم يجلسون ليلاً يتجمعون في حُب ومودة وأُلفة يتسامرون ، فجاء شخص من خارج تلك القرية ليقيم معهم بضعة ايام فإستضافوه ، ظل ذلك الرجل الغريب ينظر اليهم في مكر وينظر الي ما هم فيه من سعادة في حقد ، فجلس معهم ليلاً وهم يتسامرون كعادتهم ، فسألهم "كم عدد ساعات عملكم اليومية ؟ كم ساعة تجلسون لتصطادون ؟
رد عليه فرد من اهل القرية نحن نجلس نصطاد ساعتين يومياً وهذا يكفي لإطعام اهل القرية جميعاً ليوم واحد ، فقال لهم في مكر كما يفكر الشخص الرأسمالي المعاصر "لم لا تصطادو اكثر من حاجتكم اليومية ؟ ، لم لا تصطادو لمدة 3 او 4 ساعات مثلاً ؟ ، فقالو له لم ذلك؟ كل ما يكفي لإطعام القرية بأكملها هو ساعتين عمل فقط لكل فرد ؟ ، فقال لهم حتي "تصدرون ما يفيض من حاجتكم وبذلك تكسبون مالاً اكثر ، قالو له "وماذا بعد ذلك؟" ، قال تمتلكون مراكب اكبر ، قالو له "وماذا بعد ذلك؟" ، قال تمتلكون رأس مال ضخم فتشترون بيوت اكبر وتقيمون في قري افضل ، قالو له "وماذا بعد ذلك؟" ، قال : تمتلكون الكثير من المال والبيوت والمراكب فتجلسون مع بعضكم البعض وانتم تشعرون بالسعادة لما حققتموه واكتسبتموه ، فضحكو وقالو نحن جميعاً نمتلك البيوت والمراكب والمطعم والملبس ونجلس كل يوم نتجمع ليلاً نتسامر ! ونشعر بالسعادة !!"
قال رسول الاسلام محمد صلي الله عليه وسلّم "لو كان لابن آدم واديان من ذهب لأحب أن يكون له ثالث ولا يملأ فاه إلا التراب" انظر حولك ماذا يطارد الناس في هذا الحياة ؟ ، ألا يطاردون المال والشهرة والمنصب والجاه والجنس والمخدرات واحدث السيارات ؟ ..هل تظن انك ستشعر بالسعادة لو حققت كل ذلك ؟ ، هل سترضي ؟ ؛
هناك تجربة يمكنك تجربتها علي نفسك لتصل الي حقيقتك : هل لديك سيارة ؟ كم ثمنها ؟ 100 الف ؟ ألا تتمني غيرها ؟ هل اذا امتلكت سيارة احلامك لو كانت مثلاً بمليون ؟ هل تظن انك ستشبع ؟ بل ستبغي سيارة بمليونان ! ، ألازلت تظن انها متطلبات الحياة والمظهر ؟ ألازلت تظن ان هذه سنة الحياة ؟ ألا تريد ان تعترف بالفجوة التي في داخلك ؟
في زمانٌ ما وَجد ثلاثةُ رجال ثلاث صناديق كبيرة من الذهب ، ففرحو وقالو لبعضهم هيا بنا نقسمهم ولنغنم بالسعادة الابدية ، فقال احدهم فليذهب احدكم فيائتنا بالطعام حتي نأكل وبعد ذلك نحملهم موجهاً كلامه الي كلا الرجلين ، فذهب احدهم وبقِيّ اثنان ، قال الاثنين الي بعضهم البعض لمَ لا نقتل صاحبنا عندما يرجع ونأخذ الثلاثة صناديق لنا وحدنا ؟ ، فإتفقو علي فعل ذلك حتي جاء صاحبهم فقتلوه بعد ان اكلو الطعام ، وبعد ان اكلو الطعام اكتشفو ان صاحبهم هو الاخر قد تآمر عليهم ووضع السم في الطعام حتي ينفرد بالكنز وحدة ، ومات الثلاثة ..
لماذا نستثمر اموالنا كلها في الحصول علي اموال اكثر وشهرة اكثر وسيارات اكثر وقصور اكثر ، لماذا لا نستثمرها في ابداعنا ؟ ، او علي ارواحنا ؟ ، ألسنا من جسد وروح ؟ ، قال لي احد اتباع المادية اننا جئنا الي هذه الدُنيا "عشان ننبسط" ! . وان مفهومي عن ما يسميه "الانبساط" خاطيء ، واننا سنشعر بالسعادة ونفعل ما نريد في حياتنا الدُنيا ثم نموت .. اي عبث هذا ؟ وهل امسك احدنا بالدنيا قبل ؟ هل امتلكها ؟ هل تعلم كيف ستتركنا الدنيا ؟ انظر الي احدي القري او البيوت المهجورة انظر الي القبور لتعلم ..
مصطلح "الانبساط" اي السعادة هو مصطلح واهي ، السعادة هي عرض لحظي مؤقت ، السعادة ليست دائمة ولا يمكنك الحصول عليها شئت ام ابيت ! ، كلما شاهدت فيلم ويل سميث "البحث عن السعادة" اضحك كثيراً لما يقدمونه للناس ولمفهوم صانعي الفيلم عن السعادة رغم الدرامية الشديدة ، لقد قالها نجيب الريحاني في احدي افلامه "ليست السعادة في البحث عن الرغبات المادية ولا في شهوة حيوانيةٌ بهيمية ، هذا عصر المنطق ظهرت البلاد التي تدعو الي العلمانية وفصل الدين ، لا وجود للحكمة بعد الآن ..شاع الفساد والفوضي وليس هنالك العدالة ..هذا زمانٌ يقال فيه "الدنيا هي الحقيقة والاخرة او الحياة الاخري او اياً كان ما ينتظرنا بعد الموت هو وهم ، تجد تلك النداءات المادية كثيرة في يومنا هذا ، "كن سعيداً لا تقلق يا صديقي" تلك هي رسالة الابتزال الفني من الافلام والاغاني وكتب التنمية البشرية الآن ، لابد من وجود حياة اخري بعد هذه الحياة ، اليس في الدنيا الكثير من الفساد والظلم ؟ ، وفي النقيض تجد ان الكواكب والذرات والطبيعة محكومة بنظام وبشكل متناسق يوحي بأنه لا وجود للعبث في الوجود وانما العبث من فعل ايدينا ، اليس ذلك دليلاً علي انه لابد من وجود حياة عادلة اخري او يومٌ يحاسب فيه الظالم وترد فيه المظالم ؟ ، هل رأيت الارض يوماً قط تخرج عن مسارها ؟ ..
الحقيقة اننا مقبلون علي الاخرة اكثر فأكثر يوم بعد يوم نقبل علي الموت ، ولسنا مستقلين بذاتنا ووجودنا علي هذا الكوكب ، وكل ما نحاول فعله حيال تلك الحقيقة هو تعاطي المُخدرات والغرق في الشهوات التي تُبعدنا عن الواقع ، ومما يساعدنا علي ذلك بعض الابتزال الفني ! حتي نشعر بالسعادة الكاذبة المزيفة..
الانسان كائن تعيس في الدُنيا ، جئنا الي هذه الدُنيا في صراع بين الخير والشر كما في القرآن "لقد خلقنا الانسان في كبد" ، وايضاً ذُكرَ عن السعادة في القرآن "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ"
ولم ترد في القرآن السعادة مطلقا او حال "سعدوا" قط غير في تلك الاية ..
صناعة النجم "الايدول" :
تجد اليوم ممثل او مغني يلبس بشكل معيّن او يقص شعره بطريقة ما ، فيقلده معظم الشباب ، وكذلك الممثلات والمغنيات ، يقلدهم البنات في طريقة لبسهم وطريقة مشيتهم وكلامهم واسلوبهم المايع ظناً منهم انهم بذلك اكثر انوثة، ..هؤلاء الشباب والبنات فارغون من الداخل ، يتلقون المعايير الجمالية من مظهر واسلوب حياة وطريقة كلام وتصرفات عن طريق التلفاز والمجلات وافلام السينما...وبذلك تختلف المعايير المجتمعية تماماً ...فيظن الشاب او البنت ان الجمال الحقيقي هو فقط الذي يراه في التلفاز او ما يراه من نجوم السينما والكليبات "من ميكياج وصدر سيليكون وملابس براقة وشفاه منتفخة واسلوب وطريقة في الكلام والمشي " ...وينسون تكوين معاييرهم الجمالية التي تلائمهم ...فإذا قال التلفاز اليوم "ان الفتاة النحيفة اكثر جمالاً من الفتاة السمينة" فهم يصدقون ، وبذلك يفرض المُجتمع علي الفتاة ان تكون نحيفة او يكون مثلاً صدرها كبير وشفاهها منتفخة حتي تكون اكثر اثارة وجمال من الاخريات ، وحتي يتقبلها الجنس الاخر ويراها جميلة او مثيرة ، مثال علي ذلك ان من يتابع الفن والتاريخ القديم سيعلم ان المجتمعات كانت قديماً تظن ان المرأة الاكثر وزناً اجمل ....
لا شك ان جميع معاييرنا الجمالية والاخلاقية مشوّهة بسبب وسائل الاعلام ، فهذا الاعلام موجه لتيار فكري مُعين ، ذلك الفكر واضح للبعض ، فيعلمون اللعبة التي يتم ممارستها علينا يومياً ، وغائب عن البعض فيصدق كل ما يمرر الينا عبر التلفاز ، فهذا الاعلام يجيد فن التحكم في العقول ، التحكم في كل ما يفكر فيه الناس ، الناس حالياً ميتون عقلياً فيما يتعلق بالنقد والتفكير المنظم ووجهات النظر فيتقلبون كل ما يجدونه من معلومات في وسائل الاعلام علي انه مُسلّمات ، فأصبح الناس لهم وجهات نظر وافكار مُصنّعة ، الناس حُرمت من ادراكهم للحقيقة ، حتي قال الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ان في اخر الزمان اسعد الناس هو لكع بن لكع بمعني الشخص التافه ليس له نسب او عِرض وليس له قيمة كما نري اليوم من المشاهير غير المثقفين وبعضهم حتي غير متعلمين ، معظمهم لا يقدم فن ولا ثقافة وحتي هم غير موهوبون ، يقدمون فقط العادات الخاطئة والفطرة الفاسدة والعري ، هؤلاء المطربين المزيفين ونجوم السينما والفن المُبتذل والعاهرات هم حثالة المجتمعات البشرية ، فتجدنا نهرول ورائهم وتجد كل يوم مقابلة تلفزيونية عن ادق تفاصيل حياتهم فتجدنا نلبس مثلهم ، اشعر كما لو كنا نعبدهم ونصنع منهم آلهة ونعظّم فيهم ، فمن المعروف لدي الواعين ، من هو الفنان الحق ومن هو الاستعراضي مقدم العهر الابتذال ، ولكنهم الآن اصحاب النفوذ والثروة وهُم السعداء كما قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام ، ولا حاجة للتحدث عن من يقلدون ويقدسون اولئك المطربين والفنانين الزائفين مقدمي الفن المُبتذل ، هؤلاء المُقدسين لاحسي مؤخرات المشاهير ولاعبي كرة القدم نجدهم كثيراً في مُجتمعاتنا وفي اصدقائنا ، هم فقط اشخاص فارغون من الداخل لا يمتلكو شخصية مستقلة لذلك يحبون ان يتخفون في مظهر اولئك المشاهيير لا يملكون حقيقة او افكار ومباديء داخلية ، اذا استخدم احدنا عقله لعَلِم ان ذلك الشخص الغير موهوب لا يكتب اغانيه بنفسه ولا يقدم اي نوع من انواع الفن الحقيقي ، وانه فقط مجرد آداة في يد شركات الانتاج ، سيعلم انه شخص عادي جداً كانت له الجرأة علي الإقدام علي الشهرة بشكل يبيع فيه ضميره الفني ان وُجِدَ ! ، مع مساعدة الحظ او سلطة ما يصبح من المشاهيير ، ضح "كام كلمة حُب علي كام رقصة وكام واحدة قالعة ، مبروك انتا بقيت فنان" ، هذه اصبحت ثقافتنا التي يمررها الينا التلفاز لصناعة تلك المعايير المُجتمعية ، التلفاز هو من يُنجّم هؤلاء وهو من يقنعنا بتقبلهم وبتقبّل سخفاتهم ، بل ويفرضهم علينا في مجتمعاتنا بإسم "فنانين" ، نحن نعيش في واقع مصطنع ليس اكثر ، التعليم ليس تعليم والدين ليس دين ، كل معلوماتنا تم تصنيعها في مصانع الاعلام ونحن نقبل الحقائق التي تحملها المواد الاعلامية وكإنها قانون الهي مُحكم ...
التعليم والجنس :
الحياة في القرن ال21 ليست إلا حياة مصطنعة ، فلسفة مصطنعة ، ثقافات واهية وهشة ومجتمعات مزيفة ، دين غير حقيقي نحمله عبر شاشات التلفاز فضلاً عن المساجد والكتب والبحث الذاتي ، دين وثقافة بالوراثة ، والناس نيام حتي اذا ماتو انتبهو ، فقط تصفح الانترنت لتعلم ان 70% من المحتوي الذي يتم تحميله يومياً من نصيب شركات صناعة الجنس والاباحة ، معظم ما يتم تحميله يومياً من شبكة الانترنت هو "محتوي جنسي" ، الحياة المصطنعة تلك حولتهم الي مخلوقات مثيرة للشفقة يشبعون غرائزهم امام اجهزة الكترونية ، العيب ليس فيهم فأين حق ممارسة الجنس ؟ ، أصبح دين الكهنوت وثقافة العيب تُحرّم علي الشاب والفتاة حق ممارسة الجنس ، والمعايير المجتمعية المزيفة تُأُخر سن الزواج ، وتصعبها بل تجعلها مستحيلة ، بجانب ثقافة التلفاز ، وبعض الكلمات المُحبطة مثل "هل انت قادر علي ان تتحمل المسئولية؟" ، ممارسة الجنس طقس اجتماعي طبيعي جداً يتم بين الذكر والأنثى ، فما العيب في ممارسة الجنس فضلاً عن التحرش وممارسة ما يسموه بالعادة السرية وما اسميه انا "إمتاع النفس" ، اين هذا الدين الزائف من الواقع ؟ ولماذا اولئك الداعين اليه لا يجدون حلولاً بديلة لكل ما يحرمونه ؟ ، فمن المعروف في عرف الحقوق الانسانية والدينية ان الرجال والنساء الذين يتجاوزون سن البلوغ لهم كل الحق في التزاوج وتكوين الأسر وفي الإسلام تعد ممارسة الجنس تقرّبًا إلى الله "قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزْرٌ، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" ؛
إذن الجنس حق لكل شاب أدرك البلوغ وكل مجتمع يرتضي أسلوبًا للتواصل بين الذكر والأنثى، فما الإطار الذي يفترض للشاب المصري او العربي ممارسة الجنس من خلاله بدلا من أن يلجأ لسلوكيات مريضة كالتحرش أو إدمان المواقع الإباحية؟ ،
فهناك مجتمعات تمارس الجنس داخل إطار مؤسسة الزواج، ومجتمعات تمارسه خارج إطار مؤسسة الزواج، ومجتمعات لا يمارس شبابها الجنس أصلاً مثل مجتمعنا المصري والعربي العابد لنظرة الناس والمظاهر ، ففي أوروبا مثلاً تستقل الفتاة عن أسرتها وتمارس الجنس بشكل طبيعي بعد سن ال 18 ولكن معاييرنا الدينية تمنعنا من فعل ذلك ، وهذا ما ارتضاه الله لنا كمسلمين ، فكانت هناك فكرة الزواج المبكر وكانت الفتاة المصرية التي تتجاوز العشرين دون زواج تعد عانسًا ولكن معاييرنا المجتمعية الآن تسمي ذلك تخلفاً ورجعية ، اما الان كيف تمارس الشابة المصرية غير المنحلة وغير متخلفة "المتزوجة مبكراً" الجنس؟ ، فالزواج مستحيل والزنا محرّم.. والنتيجة انتقال الجنس من خانة الغرائز والاحتياجات الي خانة العيب والحرام ، واصبح في عقل المجتمع هوس بالجنس في الخفاء ، فاكثر الشعوب هوساً بالجنس هي الشعوب المحرومة منه ، ولاستحالة الاستقلال المادي اصبح الشباب عالة علي آبائهم وامهاتهم والفتيات يبحثن عن عريس لا يأتي ، فالعذر الوحيد لكونك عالة هو أنك تتعلم، فالشاب يدرك البلوغ ثم تظل حاجته الأساسية مكبوتة عشر سنوات كاملة لحين ينتهي من التعليم ، فحق العمل مسلوب، وبالتالي حق الاستقلال المادي ، لو رجعنا لاصل الامور لسئلت نفسك هل من المُلزم ان اذهب الي مدرسة لإتعلّم ؟ ما فائدة الورقة المسماه بالشهادة ؟ لماذا لا نذهب الي مكتبة ؟ او توّفر لنا الدولة دراسة اكاديمية مُحددة متخصصة لمدة عام او ثلاثة اعوام في التخصص الذي تريد ، هل هناك قانون نزل من السماء يقول "ان سن التعليم 21 سنة" ! وان مدة الدراسة 8 اشهر ؟ ، هل تعلم كم الاموال المصروفة علي تعليمك ؟ هل تعلم انه كان من الممكن ان تصرفها علي نفسك وعلي حلمك وطموحك ؟ ولكن كل ما يمنعك هي تلك الورقة "الشهادة" ، فعبادة نظرة الناس والمظهر هي الحافز وراء انتظارك للحصول علي الشهادة حتي ولو لم تتعلم شيئاً ، وانما ليقال عليك متعلم " دكتور او مُهندس" والمصيبة الكبري فيما يسميه المُجتمع "بكليات القمّة" ، فأصبح المُجتهد هو من يدخلها والفاشل هو من لا يدخلها ، وليس الراغب فيها والغير راغب فيها هو من يدخلها كأي دولة اخري ، فمثلاً ان حصلت علي مجموع دراسي كبير وكنت تريد ان تدخل كلية يدخلها اصحاب المجاميع الصغيرة ، يظل يعاتبك اهلك واصدقائك ، وهل تريد ان تهدر مجموعك من اجل حلمك او شغفك في كلية ما "لا عليك ان حب هندسة او طب بالعافية دي بتجيب فلوس كويسة وكمان هيتقال عليك دكتور او مهندس" فيُصدّم الشاب بالواقع عندما يجد نفسه يعمل عمل لا يحبه وبمرتب ليس كما كان متوقع ، انها فقط المظاهر ، لا بالعكس ان المُحصلة بالسالب ، لك ان تتخيل كم النجاحات التي يمكنك تحقيقها لولا انك قاعد حالياً بتشيل الخرا الذي كانو بيملوئونه في عقلك طوال السنين الماضية في التعليم والتحّكم الفكري الذي يمارسونه عليك طوال الوقت في جامعتك ومدرستك ، قالدكتور نصف اله كتابه قرآن مُنزّل ، تحكم في العقول بيسبب الغباء ، التعليم هدفه ليس التعلّم الان ، هو موجود لمجرد تضييع سنين عمر الفرد وتشكّيل تفكيره بقالب مُعين غير حُر لايقاف ابداعك وتكوين افكار موجهة لسياسات مُعينة ، ولاهدار طاقتك ، هي مجرد فكرة لاستنساخ عقول البشر ، حتي لا يخرجو عن القطيع ، واذا خرجت عن القطيع لضايقت الرأسماليين واصحاب النفوذ وعطلتهم عن اخد المزيد من اموالك ، ولحركت طاقتك تجاه مناقشة سياسات بلادك والبلاد الاخري وهو ما لا يردونه ، ان كل ما يحدث من انظمة تعليمية وسياسية وصحية واجتماعية وغيرها هو فقط لتحويلك الي آلة غير قادرة علي فعل الكثير ، فقط للتحكم فيك عن طريق "لقمة عيشك" ، يبدأ بمكان في جامعة ما ، ثم وظيفة ، ثم الموت كآلة ، وبإستخدام وسائل الاعلام ، تكون لديك فكرة ان مستقبلك مربوط بمجموع الثانوية العامة ووظيفتك وتصبح كالترس في المكنة غير قادر علي فعل الكثير ، وتترك ابداعك وشغفك وحلمك مربوط بأنظمة تعليمية ، وغير قادر علي اكتشاف نفسك ومواهبك ، فالمدى الزمني للعملية التعليمية المصري ينفق نصف عمره في التعليم والنصف الآخر في نسيان ما تعلمه ، الحشو وتكرار المعلومات الدراسية هو من سمات الانظمة التعليمية ، كل هذا يحدث حولنا حتي نصبح دولة تابعة لدولة اخري ، ولا تصبح دولة مستقلة خوفاً علي السياسات العالمية
____________________________________________________________
ملامح واقع من العفن ... الجزء الثاني : يناقش الدين العنصري الزائف الذي يمررونه الينا ، وبعض الافكار الوجودية عن الخلق ، ونقد للفكر الاحادي وكتاب ريتشارد دوكانز "وهم الاله" ، وهناك ايضاً مناقشة لبعض الافكار البسيطة عن نظرية التطور ونظرية الانفجار العظيم وعدم تعارضها مع الدين الاسلامي ...
ما احاول ان اتناوله في هذا المقال هو حقيقة الدُنيا والواقع الذي نعيش فيه بتفكير مُجرد ، ومن خلال تجربتي الشخصية ، وبتجرد كامل من ديني وانتمائاتي السياسية والعرقية ، في باديء الامر هي محاولة ليس اكثر ومعظم ما ستقرأه ما هو إلا فرضيات تحتمل الصواب والخطأ وهي دعوة للرجوع الي اصل الامور التي غابت في زماننا..
ما هي الدُنيا ؟ :
ماذا بعد يا صديقي ؟ لست مُقتنع بما قلته لي ، حتماً هنالك خيارٌ آخر ، لا اشعر بالسعادة إطلاقاً في هذا الإطار المحتوم الذي تحاول اقناعي به ، من قال لك انه ليس بمقدورنا عمل اي شيء آخر؟ وان ما يحدث حولنا من خراء ليس إلا ما يسميه الناس سُنّة الحياة ومن قال ان علينا الانقياد لتلك السُنة ؟ ومن قال انها سنة الحياة اصلاً !؟ ، ان الانسان لا يُمكن ان يُحكم بقوانين او نظريات او إحتمالات ؛
ما حدث أن حزب ابليس في الارض ان سمحت لي ان أٌطلق عليهم ذلك الاسم ، ذلك الحزب من الحكومات والسياسيين والرأسماليين وباحثي الشهرة والمال واصحاب الفكر العنصري الصهيوني ومعتنقي الديانات المتطرفة وبعض الجماعات السرية المتطرفة التي تمولهم وغيرهم من الذين يبغونها عوجاً وأُلئك الذين يريدون اكثر لهم واقل لغيرهم ..
هؤلاء قررو في العصر الحديث الذي نعيش فيه عمل خطة جريئة ، يحاولو من خلالها التحكّم في جميع سبل الحياة والمعلومات التي تصل الينا ، وبناءٌ عليها صنعو إطار مُعين بمساعدة وسائل الاعلام ، فيمرر هذا التيار افكاره الينا يومياً في التلفاز ، وذلك كله حتي لا يحدث التغيير الذي يخافونه ، حتي نسير في ذلك الإطار الذي صنعته وسائل إعلامهم التي مرروها إلينا تلفازهم فنظن نحن انه لا مفر ولا سبيل آخر افضل منه ، إطار يُبقي علينا مساجين في وهم الماديات والشهوات البهيمة الحيوانية ، ننشغل بجمع المال والبحث عن الماديات فلا نجد وقت فراغ نحاسب فيه انفسنا ونحاول تغيير واقعنا ..
ولكن ما يُخيفهم هو العقل الحُر ، ليس ذلك الانسان سجين عقله الذي يحاولون صناعته ، يعلمون جيداً انهم لن يستطيعو التحكم في ارادته ، إرادته الحُرة ، لن يستطيعو العبث بحياة الحُر وإرادته ، فلقد خلقها الله حُرة مستقلة ، نفخ الله في الانسان من روحه ، واعطاه الارادة الحرة "ارادة اله" ..لذلك قررو ان يمررو الينا مباديء الغوغائية والفوضي وإنشاء جيل جديد في حب الاباحة والمخدرات..
احد طرق التحكم في العالم والتحكم في الاقتصاد والاموال هي التحكم في عقول البشر ، ان يجعلو الناس موهومون بأشياءٌ فُرضت عليهم حتي يظلو نيام ، كل ما يمرر الينا من الابتذال الاعلامي والعهر الفني ما هو إلا لتقبل نوع معين من الافكار ونمط محدد في الحياة فلا يستقيظ الناس ...
لا تضحك يا صديقي ربما كنت احد المهوسين بنظريات المؤامرة ، او ربما كان عقلك الباطن غير مُهيء لسماع الحقيقة ، ربما كانت هي محض نكتة سمجة وما من حقيقة اصلاً ، لماذا نبحث عن الحقيقة ؟ ، لماذا لا نبحث عن الاحقيقة او الضلال ؟ ، لما لا تعتبرها حكاية مُسلية تصدّقها او تُكذّبها ؟ ، ربما كان علي الاستيقاظ من وهم المؤامرات تلك وان اذهب الي الاستجمام في احدي الشواطيء احتسي النبيذ الاحمر مع فتاة حسناء وانسي كل ذلك...
ولكن دعني اولاً اشير اليك ببعض القصص ..وبعض الافكار التي استخلصتها من رحلتي في الدُنيا ...
ذات مرة جلس رجل وحده وقد امتليء قلبه حزن وإكتئاب فإقتربت من كل الحيوانات وقالت له "ما يزعجك ؟ ما يحزنك؟ " انه لمن المزعج لنا رُأيتك حزينٌ هكذا ! سلنا ما شئت نعطك إياه ، فقال الرجل " اريد ان يكون لي نظر جيد " فأعطاه الصقر نظره ، فقال الرجل "اريد ان اكون قوي" فأعطاه الفهد قوته ، فقال الرجل " اريد ان اعرف اسرار الارض " فقالت له الافعي "سأريك إياها " ، هكذا استمر الحال مع كل الحيوانات ، وبعدها امتلك كل الهبات التي يمكنه ان يأخذها من الحيوانات ، ثم رحل ..
قالت البومة للحيوانات : "هكذا يمتلك الانسان الكثير ويمكنه فعل الكثير من الاشياء"
فردت عليها الغزالة : "نعم هو يمتلك كل ما يحتاجه هو لن يشعر بالحزن مرة اخري"
فقالت البومة : "لا" ، "لقد رأيت فجوة في داخل الانسان ، عميقة بعمق الجوع الذي لن يستطيع اشباعه ، وهذه الفجوة وراء حزنه ورغباته وشهواته ، سيستمر بالاخذ والاخذ الي ان يأتي وقت يقول فيه العالم : "لقد انتهيت ليس هناك المزيد لاعطيه إياك"
ما الدُنيا الي وهم مادي ! ، الدنيا هي لهو ولعب يُبعدنا عن حقيقة ما ، ما الحقيقة المؤكدة في هذه الدنيا اكثر من الموت !؟ ، الموت اكثر صدقاً من وهم الحب المغطي بالشهوات والتقلبات العاطفية ، اكثر صدقاً من الجنس والمال ! ، اكثر صدقاً من السيارات الباهظة الثمن ، اكثر صدقاً من القصور والفيلات الفارهة ! ؛
دعك من كل ما يحدث حولك وانماط الحياة المُزيفة التي يمررونها الينا وكإنها ثقافة او معايير مجتمع ، دعك من الفجوة التي بداخلك وإسأل نفسك في تأمل وتفكير : هل يمكنني الحصول علي الدُنيا ؟ ، احدي معاني جذر كلمة الدنيا : هي ان تحاول الوصول الي شيءٌ لا تستطيع الحصول عليه ابداً ، ألا تذكر اليوم الذي حلمت فيه بالحصول علي تلك السيارة ؟ ، هل تتذكر اليوم الذي طالما حلمت به وهو الحصول علي تلك الوظيفة الراقية ؟ ، هل تتذكر يوم جلست تدعو ربك وقعدت تعمل وتعمل حتي تستطيع الحصول علي ما تريد ؟ هل تتذكر ذلك المنزل الذي طالما تمنيته ؟ ، هل تتذكر المحمول الجديد هذا ؟ هل تتذكر وانت صغير بعدما جلست تتمني الحصول علي لعبة ال playstation او احدي الالعاب التي كنت تتمناها ؟ هل تظن ان ذلك الاحساس محض شعور ب "ملل" ، هل يقول لك مدربي التنمية البشرية ان المُتعة في الرحلة وليس في الحصول علي الشيء ؟ ، هل يقولون لك ان جمال الدُنيا في الاهداف ؟ ضع اكبر كم من الاهداف وكلما حصلت علي هدفك اكتب لنفسك هدف اخر حتي تستطيع السعي وراءه وامتلاكه هو ايضاً ؟ ، هل يملؤن دماغك بتلك الافكار التي دائماً ما تجعلك تحاول وتحاول وتحاول حتي تسئم المحاولة ، حتي سئمت البحث عن الماديات والسعي وراء امتلاك الرغبات ؟ في رحلة غير منتهية من الاماني؟
فقط حاول ان تتذكر ما حدث بعد اول مرة حَصُلت فيها علي شيءٌ ما دائما ما كنت تحلم يوماً بإمتلاكه ، الم تلقه جانباً في عدم اهتمام ؟ الم تقل لك والدتك وانت صغير "عزيزي هذا يحدث فقط بسبب ما يسمي "فرحة الحاجة الجديدة"! ، حاول ان تتذكر ما الذي شعرت به ..
هذه حقيقة الدُنيا انك لن تستطيع الحصول عليها ابداً وكلما حصلت علي شيءٌ فيها لا تشبع ابداً ، كالمال والسيارات والقصور والبيوت والشاليهات ! والفتيات الفاتنات التي طالما اشتهيتهُن يا عزيزي ! ، والشبان الذين طالما اشتهيتيهِن يا عزيزتي ! ؛
لاشك ان اكثر الاشخاص مللاً هو ذلك الشخص الذي دائما ما يحدثني عن تلك السيارة الباهظة الثمن وذلك الاب توب والموبايل الجديد وذاك القصر الكبير ، دائما ما اشعر بالملل الشديد وانا اتحدث معه فهو في كل احاديثه دائما ما يذكرني بوهمه ، عند السير معه دائما ما يشير بإصبعه "انظر يا صديقي الي هذه السيارة " هل تعلم كم ثمنها ؟! "انظر يا صديقي الي هذا البيت" هل تعلم كم دفع من يسكن هنا من الالوف؟ ، وكأن محور الدنيا هو الماديات ! ...
ولا شك ايضاً ان الشخص الذي اتحدث عنه الآن هو اكثر الاشخاص غضباً وسخريتاً ورفضاً لما يقرأه الآن فهو ليس إلا "عبد للتكنولوجيا" لا يعبد اله سوي التكنولوجيا ، يوماً بعد يوم سيظل يطارد التكنولوجيا التي اصبحت من سمات عصرنا الحديث ، فقط اقرأ في التاريخ او ارجع الي اصل الامور ستعلم ان تلك الوسائل الترفيهية ما هي إلا خدعة لإستعبادك ، خدعة للاخذ من ساعات عُمرك ، وسائل الاعلام لها الدور الاكبر في تحفيزنا علي مُطاردة تلك الماديات من احدث السيارات والموبايلات واجمل العقارات ، حتي ان تحدث شخص عن عدم رغبته في مطاردة تلك الاشياء ، نعتوه بالكسل وعدم الطموح .
اليس من المُفترض إمتلاك موبايل لمجرد التحدّث الي اهلك واصدقائك ؟ ما الفائدة من شراء موبايل باهظ الثمن ؟ ما الفائدة من تحديث موبايلك سنوياً ؟ ، وهل السيارة وسيلة مواصلات ؟ ام من المفترض ان تصبح السيارة وسيلة تستعبدك لتأخذ اكثر من ساعات عمرك سعياً وراء تحديثها او إمتلاك احدث موديلاتها الفارهة والباهظة الثمن ؟
في زمنٍ ما كانت هناكَ قريةٌ تعيشُ علي صيد الاسماك ، تمتلك البيوت المُطلّة علي البحر ، يجلس اهل القرية يصطادون قوت يومهم نهاراً ، ثم يجلسون ليلاً يتجمعون في حُب ومودة وأُلفة يتسامرون ، فجاء شخص من خارج تلك القرية ليقيم معهم بضعة ايام فإستضافوه ، ظل ذلك الرجل الغريب ينظر اليهم في مكر وينظر الي ما هم فيه من سعادة في حقد ، فجلس معهم ليلاً وهم يتسامرون كعادتهم ، فسألهم "كم عدد ساعات عملكم اليومية ؟ كم ساعة تجلسون لتصطادون ؟
رد عليه فرد من اهل القرية نحن نجلس نصطاد ساعتين يومياً وهذا يكفي لإطعام اهل القرية جميعاً ليوم واحد ، فقال لهم في مكر كما يفكر الشخص الرأسمالي المعاصر "لم لا تصطادو اكثر من حاجتكم اليومية ؟ ، لم لا تصطادو لمدة 3 او 4 ساعات مثلاً ؟ ، فقالو له لم ذلك؟ كل ما يكفي لإطعام القرية بأكملها هو ساعتين عمل فقط لكل فرد ؟ ، فقال لهم حتي "تصدرون ما يفيض من حاجتكم وبذلك تكسبون مالاً اكثر ، قالو له "وماذا بعد ذلك؟" ، قال تمتلكون مراكب اكبر ، قالو له "وماذا بعد ذلك؟" ، قال تمتلكون رأس مال ضخم فتشترون بيوت اكبر وتقيمون في قري افضل ، قالو له "وماذا بعد ذلك؟" ، قال : تمتلكون الكثير من المال والبيوت والمراكب فتجلسون مع بعضكم البعض وانتم تشعرون بالسعادة لما حققتموه واكتسبتموه ، فضحكو وقالو نحن جميعاً نمتلك البيوت والمراكب والمطعم والملبس ونجلس كل يوم نتجمع ليلاً نتسامر ! ونشعر بالسعادة !!"
قال رسول الاسلام محمد صلي الله عليه وسلّم "لو كان لابن آدم واديان من ذهب لأحب أن يكون له ثالث ولا يملأ فاه إلا التراب" انظر حولك ماذا يطارد الناس في هذا الحياة ؟ ، ألا يطاردون المال والشهرة والمنصب والجاه والجنس والمخدرات واحدث السيارات ؟ ..هل تظن انك ستشعر بالسعادة لو حققت كل ذلك ؟ ، هل سترضي ؟ ؛
هناك تجربة يمكنك تجربتها علي نفسك لتصل الي حقيقتك : هل لديك سيارة ؟ كم ثمنها ؟ 100 الف ؟ ألا تتمني غيرها ؟ هل اذا امتلكت سيارة احلامك لو كانت مثلاً بمليون ؟ هل تظن انك ستشبع ؟ بل ستبغي سيارة بمليونان ! ، ألازلت تظن انها متطلبات الحياة والمظهر ؟ ألازلت تظن ان هذه سنة الحياة ؟ ألا تريد ان تعترف بالفجوة التي في داخلك ؟
في زمانٌ ما وَجد ثلاثةُ رجال ثلاث صناديق كبيرة من الذهب ، ففرحو وقالو لبعضهم هيا بنا نقسمهم ولنغنم بالسعادة الابدية ، فقال احدهم فليذهب احدكم فيائتنا بالطعام حتي نأكل وبعد ذلك نحملهم موجهاً كلامه الي كلا الرجلين ، فذهب احدهم وبقِيّ اثنان ، قال الاثنين الي بعضهم البعض لمَ لا نقتل صاحبنا عندما يرجع ونأخذ الثلاثة صناديق لنا وحدنا ؟ ، فإتفقو علي فعل ذلك حتي جاء صاحبهم فقتلوه بعد ان اكلو الطعام ، وبعد ان اكلو الطعام اكتشفو ان صاحبهم هو الاخر قد تآمر عليهم ووضع السم في الطعام حتي ينفرد بالكنز وحدة ، ومات الثلاثة ..
لماذا نستثمر اموالنا كلها في الحصول علي اموال اكثر وشهرة اكثر وسيارات اكثر وقصور اكثر ، لماذا لا نستثمرها في ابداعنا ؟ ، او علي ارواحنا ؟ ، ألسنا من جسد وروح ؟ ، قال لي احد اتباع المادية اننا جئنا الي هذه الدُنيا "عشان ننبسط" ! . وان مفهومي عن ما يسميه "الانبساط" خاطيء ، واننا سنشعر بالسعادة ونفعل ما نريد في حياتنا الدُنيا ثم نموت .. اي عبث هذا ؟ وهل امسك احدنا بالدنيا قبل ؟ هل امتلكها ؟ هل تعلم كيف ستتركنا الدنيا ؟ انظر الي احدي القري او البيوت المهجورة انظر الي القبور لتعلم ..
مصطلح "الانبساط" اي السعادة هو مصطلح واهي ، السعادة هي عرض لحظي مؤقت ، السعادة ليست دائمة ولا يمكنك الحصول عليها شئت ام ابيت ! ، كلما شاهدت فيلم ويل سميث "البحث عن السعادة" اضحك كثيراً لما يقدمونه للناس ولمفهوم صانعي الفيلم عن السعادة رغم الدرامية الشديدة ، لقد قالها نجيب الريحاني في احدي افلامه "ليست السعادة في البحث عن الرغبات المادية ولا في شهوة حيوانيةٌ بهيمية ، هذا عصر المنطق ظهرت البلاد التي تدعو الي العلمانية وفصل الدين ، لا وجود للحكمة بعد الآن ..شاع الفساد والفوضي وليس هنالك العدالة ..هذا زمانٌ يقال فيه "الدنيا هي الحقيقة والاخرة او الحياة الاخري او اياً كان ما ينتظرنا بعد الموت هو وهم ، تجد تلك النداءات المادية كثيرة في يومنا هذا ، "كن سعيداً لا تقلق يا صديقي" تلك هي رسالة الابتزال الفني من الافلام والاغاني وكتب التنمية البشرية الآن ، لابد من وجود حياة اخري بعد هذه الحياة ، اليس في الدنيا الكثير من الفساد والظلم ؟ ، وفي النقيض تجد ان الكواكب والذرات والطبيعة محكومة بنظام وبشكل متناسق يوحي بأنه لا وجود للعبث في الوجود وانما العبث من فعل ايدينا ، اليس ذلك دليلاً علي انه لابد من وجود حياة عادلة اخري او يومٌ يحاسب فيه الظالم وترد فيه المظالم ؟ ، هل رأيت الارض يوماً قط تخرج عن مسارها ؟ ..
الحقيقة اننا مقبلون علي الاخرة اكثر فأكثر يوم بعد يوم نقبل علي الموت ، ولسنا مستقلين بذاتنا ووجودنا علي هذا الكوكب ، وكل ما نحاول فعله حيال تلك الحقيقة هو تعاطي المُخدرات والغرق في الشهوات التي تُبعدنا عن الواقع ، ومما يساعدنا علي ذلك بعض الابتزال الفني ! حتي نشعر بالسعادة الكاذبة المزيفة..
الانسان كائن تعيس في الدُنيا ، جئنا الي هذه الدُنيا في صراع بين الخير والشر كما في القرآن "لقد خلقنا الانسان في كبد" ، وايضاً ذُكرَ عن السعادة في القرآن "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ"
ولم ترد في القرآن السعادة مطلقا او حال "سعدوا" قط غير في تلك الاية ..
صناعة النجم "الايدول" :
تجد اليوم ممثل او مغني يلبس بشكل معيّن او يقص شعره بطريقة ما ، فيقلده معظم الشباب ، وكذلك الممثلات والمغنيات ، يقلدهم البنات في طريقة لبسهم وطريقة مشيتهم وكلامهم واسلوبهم المايع ظناً منهم انهم بذلك اكثر انوثة، ..هؤلاء الشباب والبنات فارغون من الداخل ، يتلقون المعايير الجمالية من مظهر واسلوب حياة وطريقة كلام وتصرفات عن طريق التلفاز والمجلات وافلام السينما...وبذلك تختلف المعايير المجتمعية تماماً ...فيظن الشاب او البنت ان الجمال الحقيقي هو فقط الذي يراه في التلفاز او ما يراه من نجوم السينما والكليبات "من ميكياج وصدر سيليكون وملابس براقة وشفاه منتفخة واسلوب وطريقة في الكلام والمشي " ...وينسون تكوين معاييرهم الجمالية التي تلائمهم ...فإذا قال التلفاز اليوم "ان الفتاة النحيفة اكثر جمالاً من الفتاة السمينة" فهم يصدقون ، وبذلك يفرض المُجتمع علي الفتاة ان تكون نحيفة او يكون مثلاً صدرها كبير وشفاهها منتفخة حتي تكون اكثر اثارة وجمال من الاخريات ، وحتي يتقبلها الجنس الاخر ويراها جميلة او مثيرة ، مثال علي ذلك ان من يتابع الفن والتاريخ القديم سيعلم ان المجتمعات كانت قديماً تظن ان المرأة الاكثر وزناً اجمل ....
لا شك ان جميع معاييرنا الجمالية والاخلاقية مشوّهة بسبب وسائل الاعلام ، فهذا الاعلام موجه لتيار فكري مُعين ، ذلك الفكر واضح للبعض ، فيعلمون اللعبة التي يتم ممارستها علينا يومياً ، وغائب عن البعض فيصدق كل ما يمرر الينا عبر التلفاز ، فهذا الاعلام يجيد فن التحكم في العقول ، التحكم في كل ما يفكر فيه الناس ، الناس حالياً ميتون عقلياً فيما يتعلق بالنقد والتفكير المنظم ووجهات النظر فيتقلبون كل ما يجدونه من معلومات في وسائل الاعلام علي انه مُسلّمات ، فأصبح الناس لهم وجهات نظر وافكار مُصنّعة ، الناس حُرمت من ادراكهم للحقيقة ، حتي قال الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ان في اخر الزمان اسعد الناس هو لكع بن لكع بمعني الشخص التافه ليس له نسب او عِرض وليس له قيمة كما نري اليوم من المشاهير غير المثقفين وبعضهم حتي غير متعلمين ، معظمهم لا يقدم فن ولا ثقافة وحتي هم غير موهوبون ، يقدمون فقط العادات الخاطئة والفطرة الفاسدة والعري ، هؤلاء المطربين المزيفين ونجوم السينما والفن المُبتذل والعاهرات هم حثالة المجتمعات البشرية ، فتجدنا نهرول ورائهم وتجد كل يوم مقابلة تلفزيونية عن ادق تفاصيل حياتهم فتجدنا نلبس مثلهم ، اشعر كما لو كنا نعبدهم ونصنع منهم آلهة ونعظّم فيهم ، فمن المعروف لدي الواعين ، من هو الفنان الحق ومن هو الاستعراضي مقدم العهر الابتذال ، ولكنهم الآن اصحاب النفوذ والثروة وهُم السعداء كما قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام ، ولا حاجة للتحدث عن من يقلدون ويقدسون اولئك المطربين والفنانين الزائفين مقدمي الفن المُبتذل ، هؤلاء المُقدسين لاحسي مؤخرات المشاهير ولاعبي كرة القدم نجدهم كثيراً في مُجتمعاتنا وفي اصدقائنا ، هم فقط اشخاص فارغون من الداخل لا يمتلكو شخصية مستقلة لذلك يحبون ان يتخفون في مظهر اولئك المشاهيير لا يملكون حقيقة او افكار ومباديء داخلية ، اذا استخدم احدنا عقله لعَلِم ان ذلك الشخص الغير موهوب لا يكتب اغانيه بنفسه ولا يقدم اي نوع من انواع الفن الحقيقي ، وانه فقط مجرد آداة في يد شركات الانتاج ، سيعلم انه شخص عادي جداً كانت له الجرأة علي الإقدام علي الشهرة بشكل يبيع فيه ضميره الفني ان وُجِدَ ! ، مع مساعدة الحظ او سلطة ما يصبح من المشاهيير ، ضح "كام كلمة حُب علي كام رقصة وكام واحدة قالعة ، مبروك انتا بقيت فنان" ، هذه اصبحت ثقافتنا التي يمررها الينا التلفاز لصناعة تلك المعايير المُجتمعية ، التلفاز هو من يُنجّم هؤلاء وهو من يقنعنا بتقبلهم وبتقبّل سخفاتهم ، بل ويفرضهم علينا في مجتمعاتنا بإسم "فنانين" ، نحن نعيش في واقع مصطنع ليس اكثر ، التعليم ليس تعليم والدين ليس دين ، كل معلوماتنا تم تصنيعها في مصانع الاعلام ونحن نقبل الحقائق التي تحملها المواد الاعلامية وكإنها قانون الهي مُحكم ...
التعليم والجنس :
الحياة في القرن ال21 ليست إلا حياة مصطنعة ، فلسفة مصطنعة ، ثقافات واهية وهشة ومجتمعات مزيفة ، دين غير حقيقي نحمله عبر شاشات التلفاز فضلاً عن المساجد والكتب والبحث الذاتي ، دين وثقافة بالوراثة ، والناس نيام حتي اذا ماتو انتبهو ، فقط تصفح الانترنت لتعلم ان 70% من المحتوي الذي يتم تحميله يومياً من نصيب شركات صناعة الجنس والاباحة ، معظم ما يتم تحميله يومياً من شبكة الانترنت هو "محتوي جنسي" ، الحياة المصطنعة تلك حولتهم الي مخلوقات مثيرة للشفقة يشبعون غرائزهم امام اجهزة الكترونية ، العيب ليس فيهم فأين حق ممارسة الجنس ؟ ، أصبح دين الكهنوت وثقافة العيب تُحرّم علي الشاب والفتاة حق ممارسة الجنس ، والمعايير المجتمعية المزيفة تُأُخر سن الزواج ، وتصعبها بل تجعلها مستحيلة ، بجانب ثقافة التلفاز ، وبعض الكلمات المُحبطة مثل "هل انت قادر علي ان تتحمل المسئولية؟" ، ممارسة الجنس طقس اجتماعي طبيعي جداً يتم بين الذكر والأنثى ، فما العيب في ممارسة الجنس فضلاً عن التحرش وممارسة ما يسموه بالعادة السرية وما اسميه انا "إمتاع النفس" ، اين هذا الدين الزائف من الواقع ؟ ولماذا اولئك الداعين اليه لا يجدون حلولاً بديلة لكل ما يحرمونه ؟ ، فمن المعروف في عرف الحقوق الانسانية والدينية ان الرجال والنساء الذين يتجاوزون سن البلوغ لهم كل الحق في التزاوج وتكوين الأسر وفي الإسلام تعد ممارسة الجنس تقرّبًا إلى الله "قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزْرٌ، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" ؛
إذن الجنس حق لكل شاب أدرك البلوغ وكل مجتمع يرتضي أسلوبًا للتواصل بين الذكر والأنثى، فما الإطار الذي يفترض للشاب المصري او العربي ممارسة الجنس من خلاله بدلا من أن يلجأ لسلوكيات مريضة كالتحرش أو إدمان المواقع الإباحية؟ ،
فهناك مجتمعات تمارس الجنس داخل إطار مؤسسة الزواج، ومجتمعات تمارسه خارج إطار مؤسسة الزواج، ومجتمعات لا يمارس شبابها الجنس أصلاً مثل مجتمعنا المصري والعربي العابد لنظرة الناس والمظاهر ، ففي أوروبا مثلاً تستقل الفتاة عن أسرتها وتمارس الجنس بشكل طبيعي بعد سن ال 18 ولكن معاييرنا الدينية تمنعنا من فعل ذلك ، وهذا ما ارتضاه الله لنا كمسلمين ، فكانت هناك فكرة الزواج المبكر وكانت الفتاة المصرية التي تتجاوز العشرين دون زواج تعد عانسًا ولكن معاييرنا المجتمعية الآن تسمي ذلك تخلفاً ورجعية ، اما الان كيف تمارس الشابة المصرية غير المنحلة وغير متخلفة "المتزوجة مبكراً" الجنس؟ ، فالزواج مستحيل والزنا محرّم.. والنتيجة انتقال الجنس من خانة الغرائز والاحتياجات الي خانة العيب والحرام ، واصبح في عقل المجتمع هوس بالجنس في الخفاء ، فاكثر الشعوب هوساً بالجنس هي الشعوب المحرومة منه ، ولاستحالة الاستقلال المادي اصبح الشباب عالة علي آبائهم وامهاتهم والفتيات يبحثن عن عريس لا يأتي ، فالعذر الوحيد لكونك عالة هو أنك تتعلم، فالشاب يدرك البلوغ ثم تظل حاجته الأساسية مكبوتة عشر سنوات كاملة لحين ينتهي من التعليم ، فحق العمل مسلوب، وبالتالي حق الاستقلال المادي ، لو رجعنا لاصل الامور لسئلت نفسك هل من المُلزم ان اذهب الي مدرسة لإتعلّم ؟ ما فائدة الورقة المسماه بالشهادة ؟ لماذا لا نذهب الي مكتبة ؟ او توّفر لنا الدولة دراسة اكاديمية مُحددة متخصصة لمدة عام او ثلاثة اعوام في التخصص الذي تريد ، هل هناك قانون نزل من السماء يقول "ان سن التعليم 21 سنة" ! وان مدة الدراسة 8 اشهر ؟ ، هل تعلم كم الاموال المصروفة علي تعليمك ؟ هل تعلم انه كان من الممكن ان تصرفها علي نفسك وعلي حلمك وطموحك ؟ ولكن كل ما يمنعك هي تلك الورقة "الشهادة" ، فعبادة نظرة الناس والمظهر هي الحافز وراء انتظارك للحصول علي الشهادة حتي ولو لم تتعلم شيئاً ، وانما ليقال عليك متعلم " دكتور او مُهندس" والمصيبة الكبري فيما يسميه المُجتمع "بكليات القمّة" ، فأصبح المُجتهد هو من يدخلها والفاشل هو من لا يدخلها ، وليس الراغب فيها والغير راغب فيها هو من يدخلها كأي دولة اخري ، فمثلاً ان حصلت علي مجموع دراسي كبير وكنت تريد ان تدخل كلية يدخلها اصحاب المجاميع الصغيرة ، يظل يعاتبك اهلك واصدقائك ، وهل تريد ان تهدر مجموعك من اجل حلمك او شغفك في كلية ما "لا عليك ان حب هندسة او طب بالعافية دي بتجيب فلوس كويسة وكمان هيتقال عليك دكتور او مهندس" فيُصدّم الشاب بالواقع عندما يجد نفسه يعمل عمل لا يحبه وبمرتب ليس كما كان متوقع ، انها فقط المظاهر ، لا بالعكس ان المُحصلة بالسالب ، لك ان تتخيل كم النجاحات التي يمكنك تحقيقها لولا انك قاعد حالياً بتشيل الخرا الذي كانو بيملوئونه في عقلك طوال السنين الماضية في التعليم والتحّكم الفكري الذي يمارسونه عليك طوال الوقت في جامعتك ومدرستك ، قالدكتور نصف اله كتابه قرآن مُنزّل ، تحكم في العقول بيسبب الغباء ، التعليم هدفه ليس التعلّم الان ، هو موجود لمجرد تضييع سنين عمر الفرد وتشكّيل تفكيره بقالب مُعين غير حُر لايقاف ابداعك وتكوين افكار موجهة لسياسات مُعينة ، ولاهدار طاقتك ، هي مجرد فكرة لاستنساخ عقول البشر ، حتي لا يخرجو عن القطيع ، واذا خرجت عن القطيع لضايقت الرأسماليين واصحاب النفوذ وعطلتهم عن اخد المزيد من اموالك ، ولحركت طاقتك تجاه مناقشة سياسات بلادك والبلاد الاخري وهو ما لا يردونه ، ان كل ما يحدث من انظمة تعليمية وسياسية وصحية واجتماعية وغيرها هو فقط لتحويلك الي آلة غير قادرة علي فعل الكثير ، فقط للتحكم فيك عن طريق "لقمة عيشك" ، يبدأ بمكان في جامعة ما ، ثم وظيفة ، ثم الموت كآلة ، وبإستخدام وسائل الاعلام ، تكون لديك فكرة ان مستقبلك مربوط بمجموع الثانوية العامة ووظيفتك وتصبح كالترس في المكنة غير قادر علي فعل الكثير ، وتترك ابداعك وشغفك وحلمك مربوط بأنظمة تعليمية ، وغير قادر علي اكتشاف نفسك ومواهبك ، فالمدى الزمني للعملية التعليمية المصري ينفق نصف عمره في التعليم والنصف الآخر في نسيان ما تعلمه ، الحشو وتكرار المعلومات الدراسية هو من سمات الانظمة التعليمية ، كل هذا يحدث حولنا حتي نصبح دولة تابعة لدولة اخري ، ولا تصبح دولة مستقلة خوفاً علي السياسات العالمية
____________________________________________________________
ملامح واقع من العفن ... الجزء الثاني : يناقش الدين العنصري الزائف الذي يمررونه الينا ، وبعض الافكار الوجودية عن الخلق ، ونقد للفكر الاحادي وكتاب ريتشارد دوكانز "وهم الاله" ، وهناك ايضاً مناقشة لبعض الافكار البسيطة عن نظرية التطور ونظرية الانفجار العظيم وعدم تعارضها مع الدين الاسلامي ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق